
محمد جواد الميالي
تعرض الإسلام بعد شهادة النبي محمد عليه وعلى آله أفضل الصلوات، لإنتكاسات سياسية وصلت حد التشكيك بالنبي وسلب أرثه وأوجد لنا في خاتمة سلسلة أحداث خلفاء بالقوة.. رغم أن بيعة الغدير كانت واضحة وبحضور مائة ألف شاهد، إلا أن السقيفة سرقت الحق ثلاث مرات، لكنها في الرابعة عادت لمتوليها الشرعي الأمام علي، وخلال تلك الحقب الأربعة ظهرت مقدمات المذاهب الإسلامية الأربعة.
المذهب "الرافضي" مرَّ بعدة حقب توالت أغلبها على ظلم أبناء هذه الطائفة، وحرمانهم من أن يكونوا من الطبقات غير المسحوقة، فضلاً عن عدم السماح لهم بالمشاركة السياسية في قرارات الدولة، لكن هناك حقبتان تعتبران هما الأهم في أنتشار هذا المذهب، أولهما قديماً خلال فترة مايعرف بمدارس الإمام الصادق، التي أستمرت لأكثر من ٦٠ عاما نتيجة لإنشغال الدولة العباسية بمحاولات التمسك بالسلطة، مما سمح لمدرسة الإمام لأن تكون بعصر أزدهارها، وساهم ذلك بإنتشار طلبة الإمام، بعدد من البلدان شرقاً وغربا، لإيصال عقيدة الإمامية.
أما الثانية حديثاً، فكانت بعد الثورة الإيرانية، بقيادة الراحل السيد الخميني، التي تعتبر الثورة الوحيدة ذات الصبغة الإسلامية التي حققت هكذا نجاح، وأستطاعت أن تأسس حكم إسلامي بشكل ما، وتشرع بما يعرف بتصدير أفكارها الثورية لكافة البلدان، ولتأخذ هدف توحيد الرؤية السياسية الشيعة والمشاركة الفعالة لهم في الحكم، داخل أنظمة دول الشرق الأوسط الإسلامي.. كهدف إستراتيجي لها وضمن رؤيتها.
الحقبة الثانية أوجدت توسعاً وإبرازا للدور الشيعي في المنطقة، والذي أخذ منحى آخر وتبلور إلى أن يكون له دور في المشاركة بالحكم، كما في تجارب العراق ولبنان واليمن وربما سوريا.. حيث تحولت هذه المجاميع إلى قواعد شعبية كبيرة، لها دور في تغيير معادلة الإنتخابات في عدد من البلدان.. وسياسيا يعد هذا إنجاز للحقبة الثانية وجمهورها الشيعي.
هذا الإنتصار دعم التشيع في كل البلدان التي مر بها التغيير السياسي، وسمح له أن يأخذ حقه في التمثيل الحكومية.. لكن وتحت العداء الديني والمذهبي الأزلي الذاتي أو المصطنع، أصبحت تعاني ويلات الخراب والقتل تدعمه حرب إعلامية، والتي حاولت أن ترسم للشعب المغيب فكريا، تصورا مفاده أن الشيعة لا يستحقون الحكم!
التعصب الديني والمذهبي من اليهود وأتباعهم من مسلمين السقيفة، تبلور وتراصف لينتج هذا الدمار للدول، التي توجد بها القوى الشيعية الرافضة لإسرائيل.
حقيقة لايمكن إنكارها وأعترف بها قادة كبار تثبت أن الحرب ستبقى مستعرة علنا أو سرا، وأن التشيع هو السبب الرئيسي لعداء العرب لبعض أشقائهم ولإيران، بدفع يهودي معلن ومخفي..
لن يصفح عنا اليهود والنصارى حتى نرتضي بإسرائيل دولة، ونكون عبيداً جهلة لبني صهيون كأمثالنا في دويلات هنا أو هناك، فهل سينخدع الشباب الشيعي، بشعارات عمقنا العربي، أم سيكونون بالمرصاد لهذا الخراب الفكري؟
عيد الأضحى في العراق لا يختلف بالطقوس عن باقي الدول الإسلامية، وأهم ما يميز مناسكه هو الأضحية، حيث يقوم المسلمون بالتقرب إلى الرحمن بالتضحية بأحد الأنعام (خروف، بقرة، أو جمل) وتوزيع لحم الأضحية على الأقارب والفقراء، ومن هنا جاءت تسمية عيد الأضحى، لكن مؤخراً صدّرَ لنا أشقائنا العرب نوع آخر من الأضاحي..
نوع من الطائفية غرستها الأموال الخليجية بمساعدة الأعلام الدولي، تقوم على أساس الذبح الذي أخذ منحى آخر، فتطور الى الوصول لرقاب المواطن العراقي، فكانت أولى عمليات النحر بطعم طائفية ٢٠٠٥، "إن كنت تحمل هوية عراقية شيعية أو كان أسمك علي، فأنت محكوم عليك بأن تذبح وأصوات التكبير فوق مسامعك" لكن أبى الباري إلا أن يجعل سفك الدماء يقف على فتوى صاحب الشيبة البيضاء، المرجعية كانت هي الفيصل في إنهاء الذبح على الهوية.
لم يقفوا عند هذا الحد، فكان لابد من تطوير أساليبهم الإجرامية، لينخروا جسد المجتمع العراقي حالها كحال كل شيء يتطول في العالم، كذلك إسالة الدماء تطورت.. فأنتقل الدعم الخليجي إلى إرسال السيارات المفخخة "ولكثرة حبهم لنا" لم يبخلوا علينا بأي نوع، فكان كل شي كان صالحا للتفجير من أسوء الأنواع إلى أفضلها، حتى أصبحنا نسير ونحن لا نعلم متى نسمع تكبيرة الأعرابي التي ستنقلنا للدار الآخرة.
هذه الطريقة لم تكن متخصصة في حصد الارواح الشيعية فقط، فإنها لم ترق لأصحابها، بالإضافة إلى كونها لم تحصد الكثير من الأرواح بنظرهم.. فحتى تفجير الكرادة الذي أقرح عيوننا، وأكثر من أراملنا، فإنه لم يكن بالمستوى الذي يطمحون إليه، فكان لابد من أن يجدوا البديل، تزامن ذلك مع شخصية، أبت إلا أن تضيع العراق في سبيل التمسك بالمنصب.. أنتج وحشا مشوها تضامن معه بعض عشائر الموصل، تكريت والأنبار.. أسموه داعش.
المحافظات الغربية تحولت إلى حكم جاهلي، يأمر بذبح كل من يعترف بإمامة علي عليه افضل الصلوات، كل ذلك وهم يدعون الإسلام بالخلافة؟!.. فكانت مجزرة سبايكر شاهدا على اجرام أشقائنا العرب وتطويرهم لأساليب قتل الشيعة، لم يتوقف طموحهم بعد رضوخ أبناء الغربية لهم، فأصبحت منصاتهم تنادي "قادمون يابغداد" مع عبارات أبرزها "نقطع الرأس ونقيم الحدود" رسالة كانت موجة للجنوبين الروافض، لكن سواعد الجنوب من أحفاد علي، أخذوا على عاتقهم أن يدحروا الأرهاب خارج الحدود، ليقتل من يقتل، ويهرب من يهرب، ويعودوا لجحورهم في بلدان الخليج العربي! الذي كان الراعي الرسمي لهم.
العراقيون على مدى سبعة عشر عاما، لم يفرحوا سوى بذبح خروف وجرذ، الأول حيوان يذبح قربة إلى الباري، والجرذ هو صدام حسين مع جل أحترامنا للجرذ الذي يساء له بهذا التشبيه..
يجب أن نعترف أن أكثر شعب أختلطت دمائه مع دماء الشعب العراقي، هو الشعب السعودي.. من بداية الطائفية، مرورا بإنتحارييهم وسط الازدحامات، إلى داعش الإرهابي..!
الغريب بالأمر أنه رغم كل هذه الدماء التي تجري من الشيعة، إلا أن بعظهم دائمي أنسلاخ الذات ليستمر بعضهم بتمجيد البعث، فأولها كانت جنازة سلطان هاشم في الناصرية، وآخرها إستقبال الحلبوسي قاتلهم في الأنبار.. فالخرفان التي تذبح.. في العيد، ستستمر ما دام الشيعة يجلدون ذاتهم ويمجدون ذباحيهم.
أولى مخاضات التجربة الديمقراطية، أنتجت أحزابا تبحث عن تعميق جذورها في الحكومة العراقية العميقة عن طريق تشعب أتباعها داخل المؤسسات الحيوية، ليهيمنوا على مقدورات الشعب من المال والتعيينات وحرمان المواطن من الخدمات، مما عمق وثبت مصطلح الدولة العميقة الذي أرتبط بحزبين لغاية اللحظة.. ويدعي بعظهم أن أهم جذورهم كانت وتداً صلباً في القرارات القضائية..
السلسلة اللامنتهية في الفلسفة تتشابه مع سلسلة تبعية أرتباط الحقائب الوزارية والمناصب في الحكومة، بألتصاقها تباعاً بقادة الكتل والتيارات وفق ما تمليها عليهم أرتباطاتهم بالدول الإقليمية وقرارات السفارة، ليكونوا عبارة عن حلقات متصلة من الدمى في مسرحية يكتب الأقوى فصولها، ليتقتنع بها الجمهور المظلل..
أخطر ما يخاف منه يتجسد في مقولة الإمام علي عليه وأله أفضل الصلوات حين قال "إذا فسد القضاء فسدت الأمة" هذه الحكمة توضح لنا أهم أسباب تراجع المجتمع العراقي بكافة مكوناته، بالإضافة إلى الهدر والفساد في المال العام الذي لو تم وضع العشر منه في موضعه الصحيح، لكان من الممكن أن تجعل المواطن العراقي، ممن يعدون أصحاب الدخل العالي في العالم..
العجيب ليس الفساد الذي نخر أروقة الحكومة فهو معتاد، وإنما ما نقل من تصريح لأحد للنواب، حين وضع المتابع للقضية العراقية في زاوية مظلمة، عندما نقل " قدوم ٢١ محققاً دولياً للتحقيق في قضايا فساد في جميع مفاصل الوزارات العراقية".. وهذا يجعل دور القضاء والنزاهة في صندوق أسود، لأن طلب المساعدة من الخارج يجعل من في الداخل يبدون وكأنهم لا فائدة ترجى منهم..
هذا يثبت الإتهام المتداول إعلاميا وشعبيا، بأن كل السلطات والمؤسسات في العراق تخضع للتحزبية المقيتة.. لأن تصريح النائب يتزامن طردياً مع سبات الدورات البرلمانية السابقة، ويتناسب عكسياً مع الدور الرقابي لهيئة النزاهة، الذي يشبه دور المحقق "كوكوري" في الكارتون الياباني الشهير.. ذلك المحقق ذو الدور المؤسف في توجيه أصابع الأتهام للكل، ماعدا المجرم الحقيقي!
كثير من المشاركين في الحكومات المتعاقبة هم ممثلون بارعون، أستطاعوا أن يجذبوا جزء من الجمهور ويوهمهم بشعارات كاذبة على مدى سبعة عشر عاما، وربما سيتكرر لكنه هذه المرة بين جهل الشعب وإستغلالية بعض الأحزاب.. فالأثنان يشتركان بخراب الأمة.
المنعطف الأخير لإحتجاجات تشرين وضعة الجميع في خانة واحد، فأما مبادرة لإصلاح مايمكن إصلاحه والأتجاه نحو الإنتخابات المبكرة، أو إنهيار كامل لمنظومة مابعد ٢٠٠٣ الديمقراطية.
العراق اليوم أمام تحدي خطير، يفصله بين إنهاء وجود الدولة العميقة التي تمثل التيارات الفاسدة، وبين دولة المؤسسات التي نحلم بها.. فإن فشلت هذه الحكومة في توجيه الضربة القاضية للفساد، ولم تستطع أن تكسر شوكته، عندها لن يكون لدينا سوى خيار اللجوء إلى المحقق كونان ليخرجنا من عنق الزجاجة.. وينهي آخر آمالنا بعراق مستقل معاصر، لأن الحقيقة لو تجلت لناظرها ستملئ العراق دماً..
هناك دوما باب صغير يختلقه أصحاب الأقلام المأجورة ليبرروا لأنفسهم تزييف الحقائق.. ورغم أنه يكون ضيقاً لكنه يكشف الشر الحقيقي الكامن وراء من يستخدمه..
لنفهم سبب محاولة هذا التسلل العقلي الذاتي ما علينا سوى أن نبحث خلف الشخصيات، التي تستند عليها في مقتضيات الرواية الكاذبة، التي يؤلفها عديمو الضمير وتجار الكلمة..
سنفصل بعض حقائق التاريخ القريب، قبل أن نشرع في تكذيب وتبيان حقيقة البعض حتى لا يكون النقد سابقا لأوانه، ونكون على بينة من أمور عدة قد يغفل عنها البعض أو يتغاضى عنها، وتأخذه "تلك الايام" للتجني على رموز كان لها الأثر الكبير في تهيئة مجتمع صلب عقائدياً، واعي ثورياً، ليواجه ثلاثين عاماً من حقبة سوداء مظلمة، على يد أعتى طغاة العصر الحديث.. صدام حسين.
أولى الحقائق كان مبدأ أن "الشيوعية كفر وإلحاد" تلك الجملة الشهيرة التي أطلقها المرجع الأعلى للطائفة الشيعية السيد محسن الحكيم في خمسينيات القرن الماضي.. هذه القاعدة أثبتت بالدليل القاطع أن المرجع الراحل وعائلته قطعوا الطريق على أي علاقة مستقبلية، تربط بين الحزب الشيوعي وعائلة الحكيم آنذاك.. وهي سبب العداء المستمر، من الشيوعيين للمرجعية وليومنا هذا..
الحقيقة الثانية هي ما قام به الطاغية صدام حسين من إعدامات لمعارضية ومن يشك في أن ولائهم لغير حزب البعث، في أوائل إستلامه للحكم، وكانت جملته الشهيرة "ما ممكن نخلي أي معارض للبعث يشم الهوى" في مؤتمر لحزبه المنحرف، لذلك كان كافة المعارضين للنظام هم هاربين خارج الحدود، ملاحقين من قبل جلاوزة النظام لأغتيالهم.
الحقيقة الثالثة هي أن الحزب الشيوعي بعد الستينيات أنقسم إلى مجموعة معارضة هربت إلى الخارج، وأخرى مساندة للحكم البعثي وأستمرت إلى يومنا هذا، تتناغم مع كافة أنظمة الحكم في تقاسم فساد السلطة..
كل هذه الحقائق تكشف التزييف الذي أورده المدعو حميد عبد الله في قناة "تلك الأيام" حين ربط السيد مهدي الحكيم مع الشيوعيين في محاولة أنقلاب ليس لها وجه من الصدق، أما ماذكره بخصوص علاقة تربط صدام بالسيد الحكيم فهي تنافي الحقيقية الثانية، وتتناسب عكسياً مع دور الحكيم في المؤتمرات العالمية، من فضح النظام الإجرامي للبعث.
يستمر صاحب القناة بمغالطاته فيدعي وجود خلاف بين السيدين محمد باقر ومهدي الحكيم.. ويبدوا أن الرجل لايفهم أو يتصور أن الجمهور السامع له لايفهم.. حيث أن لكل معارضة شقين أحدهما عسكري وهو مايقوده الشهيد محمد باقر، والآخر دولي سياسي لتبيان حقيقة نظام الحكم وكسب تعاون المنظمات الدولية، للوقوف بوجة الدكتاتورية، وهذا كان دور الشهيد مهدي الحكيم.
يجب آن يكون للأقلام الوطنية دور في تبيان تزييف الحقائق الحاصل، وإلا سوف يشوه كذبهم جسد الذاكرة العراقية، ويؤدي إلى إنتاج جيل تاريخي منحرف فكرياً لن يستطيع أن يبني دولة حقيقية، فالبنيان الصحيح يبدأ من الأساس القوي، وأرتكاز كل الأوطان يعتمد على تأريخ رموزها المشرف.. الذي يعتبر هو الممهد لقيام دولة متطورة واعية لحقائق الأمور.
عملية الإختيار لمنصب رئيس الوزراء خلقت خللاً كبيراً في نظام الشراكة السياسي، وما حدث أوجد تماسكاً كردياً سنيا، وتشتتاً شيعياً داخل قبة البرلمان فضلاً عن الشارع العراقي.. إلا أن بعض قادة الشيعة الذين دفعوا بالكاظمي لقيادة دفة الحكم، يعتبرونه إنقاذا للمشروع الديمقراطي من مخالب الغرف المظلمة.
يسوق مطلعون على أن السيدان عمار الحكيم ومقتدى، هما المتبنيان الأولان لتشكيل و دعم الحكومة مع إختلاف النوايا والتوجهات، لكن ماحدث أخيراً كان الفارق في كشف الحقيقية..
تحالف عراقيون الذي أعلن عنه السيد الحكيم، يقول قادته أن ورائه حيثيات وأهدافا سياسية بعيد كل البعد عن المناصب، ولإثبات هذه النظرية، ما عليهم سوى تطبيق فرضية البراهين..
كما أن عمار الحكيم هو من أوائل من جاء بهذه الحكومة وأعلن دعمه لها في أول يوم تشكيلها وهو من الداعمين للكاظمي، لإنقاذ هذا النظام المتهالك، فذلك يثبت أنه وتياره أولى بكل المناصب لو كان يطمح للدرجات الخاصة، سيكون أكبر الرابحين.. فإن فعل الحكيم وبنى دولته العميقة فهذه حقيقة يجب الإذعان لها.. رغم ذلك هو لا يملك حقيبة وزارية واحدة!
بالإضافة إلى أنه لو كان طالب للمناصب لدعم حكومة ٢٠١٠ ونال الأربع وزارات، كذلك كان سيدعم حكومة عبد المهدي، ويتغافل عن أنهيارها بحفنة من المدراء العاميين، وإلا فهو له أهداف أخرى..
إذاً الفرضية تثبت بالبرهان فشل شائعات المناصب، التي تنطلق في منصات التواصل الأجتماعي بعد إعلان التحالف، فما هي الأهداف الحقيقية لهذا التجمع؟
عراقيون خلفه أهداف سياسية بعيدة الأمد، أهمها أعطاء مهلة واقعية للحكومة للسير نحو إصلاح جزء من النظام، قبل أن ينهار جراء تقلبات وأسقاطات بعض القوى، التي تفكر بمصالحها الحزبية فقط.
كذلك إعادة التماسك للمكون الشيعي داخل قبة البرلمان، وعدم تهميشه جراء تشتت قياداته، ويكون هذا التحالف هو أساس بناء مكون شيعي عراقي، مع مراعاة كافة الأطياف المنظوية داخله، وأن يعمل على تحقيق أهم مطلب للتظاهرات، وهو الإسراع بإجراء إنتخابات نزيهة بعيداً عن التقلبات السياسية، التي إن أستمرت دون بوصلة فإنها لن تنتهي سوى بإحراق الأخضر واليابس.
الواقع يثبت أنه لا يمكن أن تسير الحكومة دون بوصلة تمتاز بالوسطية في رؤية مصالح الشعب، واقعية تجاه إصلاح النظام.. وهذا التحالف له حقائق وأهداف ذكرناها سلفا، سوف يثبتها القريب الآجل.. فأما المساندة لنعبر بالسفينة إلى بر الأمان، أو الأنجرار خلف أسقاطات السوشيل ميديا ونقد أهواء الجيوش الالكترونية.. وعندها سنغرق كلنا في عرض المحيط ولن نجد يداً للعون.
التطور الطبيعي للعقل البشري، يستند على أساس التجارب التي يخوضها بمرور الزمن، والتي تتحول لبنات أفكار وخبرات، يستفاد منها الإنسان في مفاصل حياته، حتى أنها تدخل في إختيار الدين الصحيح، لأن البشر يحتاجونه، لأنها جزء من الذات البشرية وغرائزها.
دائماً ما يكون هناك دين حقيقي واحد، وباقي الديانات هي متممة له، "هذا هو المفهوم السائد في الصندوق الأسود للعقول المؤمنة" لكن المنطق والذات الحيوانية في طبيعة بناء الإنسان، تحتم عليه الدفاع بشتى الطرق عن معتقداته الميثلوجية.. وهذا ما سبب الحروب الطائفية بين الأديان..
منذ مئة عام وبعد الإستقرار المسيحي اليهودي في العالم، وتصفيتها لمنافسيها سياسياً ودينياً، أصبحت الحروب الطائفية برغماتية، بإتجاه دين أو بالأحرى مذهب واحد فقط, إنه المذهب الشيعي؟!
هذا المذهب السائد في وسط وجنوب العراق، واجهته حكومات دكتاتورية لمنعه من الوصول للحكم أو إبادته.. فزج في حروب الهدف منها خلق إقتتال شيعي شيعي، كما حدث في الحرب العراقية الإيرانية، عندما أنتصرت الثورة الاسلامية على دكتاتورية الشاه تجاه الشعب الإيراني، عندها أصبحت الدول تنظر للشيعة كأنهم الخطر الحقيقي، محاولين بعدة طرق إنهاء وجودهم في الحكم، سواء في إيران أم في العراق، والتي هم يعتبرونها العمق الإستيراتيجي للفكر الشيعي..
السؤال الأهم الذي يجب أن يطرح، ماذا يمكن أن تفعل "العمامة الشيعية" إذا وصلت للسلطة؟
فقراء العالم أجمع تأثروا بجائحة كورونا، وإنهيار للطبقات الوسطى صار واضحا، ماعدا العراق.. كل شيء أصبح رخيص الثمن، والفضل في ذلك يعود إلى ما فعلته إدارة "الملالي" لأموال العتبات المقدسة، من مزارع للخضروات وحقول الدواجن، التي ساهمت بدعم المنتوج المحلي بكافة الأصناف، كذلك بنائها للعديد من مراكز الشفاء، للعناية بمرضى "كوفيد_١٩" بالإضافة إلى رعايتها لعوائل الشهداء والأيتام، وتوفير الرواتب الشهرية لهم، كل هذا وهم لا يملكون أي سلطة فعلية في الدولة.. يعملون رغم الحرب الإعلامية والنفسية ضدهم.
هذه الحرب أسس لها الغرب، ليخلقوا تلك النظرة الدونية، للمذهب الشيعي في الحكم، لذلك نجد مواقع التواصل الإجتماعي، ما أن تجد سلبية أو خللا في المؤسسات الحكومية وغيرها، حتى ينهالوا بكيل التهم ونسب أسباب الفشل كلها لوجود العمامة الشيعية في الحكم، ليطالبوا بإقصائها عن السلطة.. حتى بتنا متمرسين في جلد الذات، والإنصياع إلى تزييف الحقائق التي يطلقها إعلام الظل العالمي، وأصبحنا ننسب كل الفشل لهم وأنهم أساسه!
حقيقة يجب أن تقال الوجود الشيعي الحقيقي لإدارة المؤسسات، يتمثل بإدارة العتبات، وكذلك في دولة إيران ولو بشكل مختلف.. أما ما يحدث في العراق، فهو إيهام لقطيع الشباب الشيعي بأنهم لا يستحقون إلا أن يكونوا رعية.. وكذلك لتكون محاربة المذهب من أتباعه أنفسهم، فقط بحرفهم فكرياً.. وهذهِ الصراعات والنزاعات من جلد الذات، تدخل في شقين:
أولهما صراع الأديان الأزلي، الذي لن يسمح بأن يكون للمذهب الشيعي الإسلامي، حق المنافسة فضلاً عن الأنتصار.
ثانيا إستمرار النزاعات الشيعية الشيعية، وعدم أنفرادهم بالسلطة تطبيقا لمبدأ "فرق تسد" وهو ما يسهل على قوى الشر من زيادة نفوذها في المناطق.
الحرب ستستمر والخلافات ستتفاقم، حتى ينتهي الوجود الشيعي في مؤسسات الدولة، ونعود إلى حقبة الرعية.. لأنهم موقنين أن "العمائم الشيعية" هي التهديد الحقيقي للظلام العالمي، ولو أردنا أن ننتصر ما علينا سوى أن نتحلى بالعقيدة الوطنية، ونتبع نصائح المرجعية، بدل أن نتناقلها في منصات النشر ونتفلسف في نقدها، ولنا في إدارة العتبات وكذلك تجربة إيران بكل ما لدينا من ملاحظات حولها، مثال للوجود الشيعي الحقيقي لإدارة الدولة، فهي قاب قوسين أو أدنى من أن تكون شريكة في منصة الدول العظمى القادمة.