لايدن الهولنديَّة.. موطن التُراث والهويَّة
أمستردام: آمنة عبد النبي
موطن الجمال الذي نبتت فيه ريشة الرسام رامبرانت عبقريّ الظل والضوء وحارسُ الليل المغرم بجوِّها الريفي الذي كان سبباً لانتشار حقول زهرة التوليب الشهيرة، جنتهِ المفقودة. وأكثر ما صار يجذب السياح إلى المدينة الغنيَّة بمعالم مذهلة ومنتجعات سياحيَّة مثيرة للاهتمام وقلاع وكنائس تاريخيَّة ومجموعة متنوعة من المتاحف والعديد من طواحين الهواء، بوصفها واحدة من أكبر مدن هولندا الواقعة في مقاطعةٍ تابعة لجنوب أمستردام وعلى مسافة قصيرة من لاهاي، تحيط بها من كلِ جانبٍ، القنوات والممرات المائيَّة التي تصطف عليها المباني والشوارع التاريخيَّة الجميلة من القرن السابع عشر.
قلعة الملاذ الآمن
الكاتبة الدراميَّة فاتن السعود، والقادمة من زيورخ لزيارة لايدن، تقول: «بوصفي مهتمة بالتاريخ وتوثيقاتهِ الدراميَّة وأعشق مواريث القرون القديمة، فإنَّ لحظة إدراك هياكل القلعة ورخامها الدائري الأحمر، أشمُّ رائحة الهويَّة الاركيولوجيَّة، المنظر مُذهل، تنظر إليها بشموخٍ جغرافيّ فيتخايل إليك أنها تجلسُ كالملكات فوق تلة يبلغ ارتفاعها اثني عشر متراً، علماً أنها شُيدت فوق لحماية السكان من مياه الفيضانات، وهذا ما يبدو واضحاً بالجدران السميكة البالغ قطرها خمسة وثلاثين متراً، وبوابتها التي تملك في أعلاها تمثالاً لأسدٍ يحضن شعار المدينة، طبعاً الحديث هنا عن قلعة فقدت وظيفتها العسكريَّة وأصبحت رمزاً وطنياً لمدينة
لايدن».
أولى بصيلات التوليب
في حين عبر الكاتب المغترب راجي الزهيري، عن رؤيته الاركيولوجيَّة تجاه هويَّة لايدن، قائلاً: «دعينا من سحر الطبيعة وتراثها العمراني، لايدن تعدُّ وثيقة وشاهدَ عيّانٍ على محطة التوقف للآباء المؤسسين لأميركا في رحلتهم من إنكلترا إلى العالم الجديد في أوائل القرن السابع عشر، الى جانب ما يعرضه فيها المتحف الوطني للآثار من مجموعة مذهلة من الآثار المصريَّة، وأيضاً هي موطن وموقع زراعة أولى بصيلات أزهار التوليب في هولندا عام 1593، ولا تفوتنا القيمة الرمزيَّة للقلعة المشيدة على تلة اصطناعيَّة تقع عند نقطة التقاء فرعي نهر راين، ويمكن الدخول لهذا المعلم عبر بوابة من الحجر الرملي، الشواهد فيها أخاذة».
حداثة عمرانيَّة وعلميَّة
أما ثائر واركيس، المترجم المُقيم في امستردام، فقد قال من جانبه: «تعدُّ بيترسكيرك أقدم كنيسة بنيت على الطراز القوطي في لايدن بنيت في القرن الثاني عشر، والمذهل أنَّ هذه الكنيسة المعتقة تحولت رمزيتها لمدفن العديد من الشخصيات الشهيرة، مثل هوغو دي جروت وجان فان جوين، وطبعاً الجانب الحداثي الآخر فيها لا يقلّ شأناً، خذي مثلاً جامعة لايدن هي من أقدم الجامعات التي أنشئت بأمرٍ من وليم أورانج قائد الثورة الهولنديَّة آنذاك، الأمر تطوّر وأصبحت حالياً من أقدم الجامعات الهولنديَّة وهي إحدى الجامعات الرسميَّة التي تشكل عدة معاهد بحثيَّة دوليَّة وجزءاً من رابطة الجامعا الأوروبيَّة».