عملية طوفان الأقصى شكَّلت نقطة تغير استراتيجية فعلية لا افتراضية في القضية الفلسطينية، وإن هذه العملية جاءت بعد عمل إسرائيلي لنسيان القضية الفلسطينية عملية انتقال المواجهة من يد الجيوش الرسمية إلى يد الحركات الشعبية المسلحة والمسنودة بتأييد شعبي عربي واسع، وسرَّعت التغيير الإيجابي في الرأي العام الدولي، ليصل مداه إلى مجتمعات الدول الأكثر عداء للحقوق الفلسطينية، كما فرضت العملية على العقل الإسرائيلي إعادة النظر في أدبيات التفاؤل السياسي بمستقبل “إسرائيل“، التي روَّج لها اليمين الصهيوني لأن عملية الطوفان غيرت المعادلة وأنهت حتى عملية التطبيع لبعض الدول العربية التي بدأت تهرول نحو التطبيع باعتبار من يريد أن يستمر في الحكم عليه أن يطبع مع العدو ويكون تحت حماية إسرائيل ورضا أمريكا والعالم الغربي.
أصرت إسرائيل لإعادة هيبتها أمام شعبها بعد هذه الضربة التي وجهت لهذه الدولة على تدمير غزة وتدمير كل الحياة فيها من خلال القتل الوحشي لسكان غزة دون التمييز بين مقاتلي حماس وبين الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير البنايات بل حتى المستشفيات ضامنة سكوت العالم الذي يدعي التقدم وحامي الإنسانية، وكان كل همها منع التدخل بغزة وتوجيه أي اسناد بها، وكان هدفها التالي حزب الله الذي أعلن اسناد غزة من اليوم التالي لعملية طوفان الأقصى معتبراً أن مبدأ وحدة الساحات لا حياد عنه وهذا ما أكده سيد المقاومة الشهيد السعيد السيد حسن نصر الله بأغلب خطاباته طيلة عام وحتى استشهاده، حيث قدم كل الدعم العسكري من خلال الضربات الموجهة من قبل مقاتلي حزب الله لإشغال العدو وعدم رمي كل قواته في غزة وهذا هو السبب الرئيس الذي ساعد على عدم تمكن إسرائيل القضاء على حماس، وهذا الذي جعل نتنياهو يجن جنونه من خلال اغتيال قادة الحزب من خلال اختراقات إلكترونية إضافة إلى اختراقات على الأرض، ومن هنا وحتى يستثمر نتنياهو ما يعتبره نصراً من خلال تغييب قادة حزب الله وهو يعلم أن استهداف قادة الحزب يعني بداية حرب مباشرة مع حزب الله واشتعلت الحرب على مصراعيها وهنا ظن نتنياهو أن استسلام الحزب سوف يكون بأسرع وقت بعد التخلص من قيادته وهذا الوهم سرعان ما تبخر من خلال اتزان كيان حزب الله وصمود مقاتليه وتلقين العدو دروساً سواء على الأرض أو من خلال امطار كل أراضي الكيان بالصواريخ والذي جعلت الصهاينة يصحون على صفارات الإنذار وينامون على نفس الموسيقى.
وأهم ما جاء به طوفان الأقصى هو بقاء القضية الفلسطينية وعودتها إلى الواجهة بعد ما كان مخطط أن تكون القضية من الماضي حيث سقط الوهم الإسرائيلي العربي ودليل ذلك بعد مرور أكثر من عام تسقط الصواريخ الفلسطينية على تل أبيب وإن العالم الداعم لإسرائيل بدأ يفكر جدياً بحل هذه القضية من خلال دعوات إلى حل الدولتين.
نعم الصراع أصبح مفتوحاً بعد طوفان الأقصى واُذكَر أن ما تحملته إسرائيل من ضربات لم تتلقى مثلها منذ تأسيس هذا الكيان رغم دخول الأخير بأكثر من حرب لكن اليوم الوضع مختلف حيث سقطت اسطورة الجيش الذي لا يقهر وسقط الأمان الذي تأسست عليه دولة الكيان ومن خلاله استطاعت جلب اليهود من دول العالم فنرى اليوم سكانهم مهجرون وجنودهم يتساقطون بأعداد أكثر من كل الحروب التي خاضها الكيان والمستشفيات مملوءة والمقابر توسعت وأهداف الكيان بدأت تتساقط واحد بعد الآخر وسوف نسمع عن قريب تدخل الأمريكان والغرب من أجل وقف القتال وإن غداً لناظره لقريب.
Our website uses cookies to provide you the best experience. However, by continuing to use our website, you agree to our use of cookies. For more information, read our Cookie Policy.