في واحدة من أكثر القضايا المثيرة للجدل في تاريخ العراق، أصدرت المحاكم العراقية أحكامها بحق المدانين في قضية “سرقة القرن”، حيث حُكم على نور زهير بالسجن عشر سنوات، وعلى النائب هيثم الجبوري بثلاث سنوات فقط، بينما نال شريكهم رائد جوحي حكماً بالسجن ست سنوات. هذه الأحكام وُصفت بأنها صادمة وغير متناسبة مع حجم الجريمة التي هزت البلاد، والتي شهدت اختلاس مليارات من أموال الشعب.
نور زهير، الذي أصبح رمزاً لجريمة الفساد الأكبر في العراق، استطاع أن ينهب مبالغ طائلة هددت الاقتصاد الوطني وأثارت استياءً شعبياً واسعاً. أما النائب هيثم الجبوري، الذي كان يتحدث دائمًا عن النزاهة والقيم، فقد ثبت تورطه وأخذ نصيبه من الأموال المسروقة، ليحصل على حكم لا يتناسب مع حجم الضرر الذي تسبب به.
المفارقة الكبرى تكمن في المقارنة بين هذه الأحكام وأحكام أخرى تصدر بحق الفقراء والبسطاء. على سبيل المثال، يُحكم على مواطن بسيط بالسجن ثلاث سنوات لسرقة علبة مناديل لا يتجاوز سعرها دولارًا واحدًا، بينما يحصل من يسرق مليارات على نفس المدة أو أقل.
أين العدالة؟
تثير هذه الأحكام العديد من الأسئلة:
هل باتت العدالة العراقية تخضع لمعادلات سياسية ومصالح نافذين؟
كيف يمكن للمواطن أن يثق بمنظومة قضائية لا تتعامل بميزان واحد مع الجميع؟
هذه القضية ليست مجرد حدث عابر، بل هي اختبار حقيقي لنظام العدالة في العراق. الأحكام المخففة في جرائم فساد بهذا الحجم تعكس إما عجز القضاء عن مواجهة الفاسدين أو تواطؤاً يسمح لهم بالهرب بأقل الخسائر.
الرسالة الخطيرة
إذا كانت هذه هي العقوبات التي تنتظر من يسرق المليارات، فما الرسالة التي تصل إلى المجتمع؟ هل يصبح الفساد خيارًا مقبولاً في ظل ضعف العقاب؟
إن “سرقة القرن” ليست مجرد جريمة مالية، بل هي جريمة ضد مستقبل البلاد وشعبه. وإذا لم تُعالج هذه القضية بشكل جذري وشفاف، فإن الثقة في العدالة ستتلاشى تمامًا، وسيظل الشعب العراقي الضحية الأكبر لهذه الجرائم.
Our website uses cookies to provide you the best experience. However, by continuing to use our website, you agree to our use of cookies. For more information, read our Cookie Policy.