العراق يسلم اللاجئ سليمان الخالدي جريمة سياديّة ام انحناء للضغوط!

العراق يسلم اللاجئ سليمان الخالدي جريمة سياديّة ام انحناء للضغوط!

راجي سلطان الزهيري

في خطوةٍ أثارت الجدل والغضب بين العراقيين والعرب على حد سواء واعادت إلى الاذهان سياسة “ملاليچ” القرار السلطوي الذي كان يُبنى على وارد الربح والخسارة، وبدون اي نص قانوني او اتفاقية تعاون او حتى مقايضة سياسية، سلمت الحكومة العراقية اللاجئ سليمان الخالدي، الذي لجأ إلى العراق هربًا من الملاحقة في بلده الأم. الخالدي، المعروف بانتقاده لسياسات العائلة الحاكمة في الكويت، فقد جنسيته نتيجة موقفه المعارض، مما دفعه للبحث عن مأوى في العراق، ظنًا منه أن البلد الذي طالما احتضن المظلومين سيمنحه الأمان، الغريب، أن العراق ليس من ضمن اتفاقية الاتحاد الخليجي والتي تقضي بتسليم المطلوبين ضمن دول الخليج واذا كان هناك شخص مطلوب دوليا فيودع دبلوماسيا لدى السفاره التي ينتمي لها جوازه وهي من تقوم بتسليمه وهو بذلك حاملاً للجواز البريطاني.

باختصار: خيانة وتخاذل

سليمان الخالدي ليس إرهابياً ولا مجرماً، بل ناشط سياسي عبر عن قناعاته ورأيه بصراحة، منتقداً حكام الكويت وسياساتهم، هذا الموقف دفع السلطات الكويتية إلى اتخاذ إجراءات تعسفية ضده، بما في ذلك سحب جنسيته، الأمر الذي يعتبره كثيرون انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان.
الخالدي لجأ إلى العراق، بلد يعرف في تاريخه الطويل بموقفه المشرف في استضافة اللاجئين والمظلومين، على أمل أن يحميه من المصير المجهول الذي ينتظره إذا أُعيد إلى الكويت. ومع ذلك، فإن قرار الحكومة العراقية بتسليمه أثار استياءً واسعاً، حيث يُنظر إلى هذا القرار على أنه خيانة للقيم الإنسانية والإسلامية، وكذلك الأعراف التي طالما شكلت جزءاً من هوية العراق.
ما يفاقم الشعور بالظلم هو التناقض الصارخ في مواقف الكويت تجاه العراق والعراقيين، فبينما لا تتوقف وسائل الإعلام الكويتية والسياسيون عن انتقاد العراق واحتواء معارضين ارهابيين، بل وتمادوا في بعض الأحيان إلى استخدام خطاب الكراهية والتشهير، بالمقابل تتخذ الحكومة العراقية موقفاً متخاذلًا يصل إلى حد تسليم شخص احتمى بها.

الانتربول: ازدواجية المعايير

وإذا فرضنا جدلًا أن سليمان الخالدي كان مطلوبًا للإنتربول، فإن تسليمه يثير تساؤلات حادة عن الانتقائية في تطبيق القوانين الدولية، العراق يعج بآلاف المطلوبين للإنتربول بتهم إرهاب وقتل وسرقة المال العام، سواء كانوا داخل العراق أو خارجه، لكننا لا نرى أي تحرك حقيقي أو ضغط جاد لتسليمهم.
فأين الإنتربول من هؤلاء المطلوبين الذين تسببوا في معاناة شعب بأكمله وساهموا في تدمير بلد؟ ولماذا يتم التركيز على شخص مثل الخالدي، الذي لم يقترف جريمة سوى التعبير عن رأيه وانتقاد حكامه؟
هذه الازدواجية في تطبيق القانون تكشف عن لعبة المصالح السياسية التي تحكم عمل المؤسسات الدولية، وتجعلنا نتساءل عن العدالة التي يُفترض أن تسود في مثل هذه الحالات، إن العراق مطالب، قبل تسليم أي شخص، أن يطالب بدوره بتسليم المطلوبين الذين أجرموا بحق شعبه ونهبوا ثرواته، لا أن يكون أداة طيّعة في يد قوى تستخدم القانون لتحقيق أغراضها الخاصة.

سيادة: ثمنها المستجير!

تسليم الخالدي يعيد إلى الأذهان تساؤلات حول السيادة العراقية، وحول مدى استقلالية القرار العراقي في مواجهة الضغوط الخارجية، كما يعكس تناقضاً أخلاقياً، حيث أن المبادئ الإسلامية والعربية تنص على حماية اللاجئ وصيانة كرامته، لا تسليمه إلى أعداءه.
كعراقي، أشعر بالعار والخجل من هذا الفعل المشين الذي اتخذته حكومتنا. كيف يمكن لبلد مثل العراق، الذي عانى لعقود من الاحتلال والظلم والقمع، أن ينحني لضغوط سياسية ويتخلى عن قيمه الإنسانية؟
الإسلام، الذي يشكل جزءًا لا يتجزأ من ثقافتنا وهويتنا، يحرم تسليم اللاجئ الذي لجأ إلينا طلبًا للحماية. ففي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، هناك إشارات واضحة تحث على إكرام اللاجئ والمستجير وحمايته من أي أذى.

القيم: هويتنا الثقافية

ما حدث لسليمان الخالدي لا يجب أن يمر مرور الكرام. يجب على الحكومة العراقية أن تواجه محاسبة شعبية وسياسية على هذا القرار الذي يسيء إلى سمعة العراق وقيمه، وسبق ان تكرر مع المعارض البحريني، كما يجب أن يتم فتح تحقيق شفاف حول الملابسات التي دفعت إلى هذا القرار، ومحاسبة المسؤولين عنه.
وفي النهاية، فإننا كعراقيين مطالبون برفع أصواتنا للدفاع عن القيم التي تمثل هويتنا الحقيقية دفعنا ثمنها عقوداً من الدم والنار، والوقوف ضد كل ما يمس كرامة الإنسان، سواء كان عراقياً أو لاجئاً طلب الحماية في بلدنا، فلا كرامة لوطن لا يحترم كرامة الإنسان.

summereon

اترك رد