كانت المرة الأولى التي رأت فيها الفنانة شهيرة النجم أحمد زكي على خشبة المسرح في قصر الثقافة بمحافظة الشرقية، حيث كان وقتها شابًا بسيطًا، تخرج حديثًا من دبلوم الصنايع ولا يعرف إلى أين ستقوده الحياة. لكن بمجرد أن وقف على المسرح وأدى مشهده، لفت انتباه شهيرة بشكل كبير حتى قالت في نفسها: “إيه الولد الأسمر ده؟ ممثل فظيع”.
بعد انتهاء العرض، استدعت شهيرة أحمد وسألته عن خططه بعد التخرج، فأجاب بعدم معرفته بأي وجهة محددة. هنا اقترحت عليه التقديم في معهد التمثيل بالقاهرة، لكنه رد قائلاً: “بس أنا معرفش أروح مصر.” فردت بثقة: “أنا هوديك مصر وهساعدك.”
بالفعل، أخذته شهيرة إلى القاهرة، وساعدته على الالتحاق بمعهد التمثيل، بل استضافته في منزلها وتناولا الطعام مع والدتها. وعندما لم يكن يعرف أين سيبيت، وجدت له مكانًا عند الفنان وفيق فهمي الذي استضافه لشهرين حتى خاض امتحانات المعهد. خلافًا للشائعات، تم قبوله من المرة الأولى وكان الأول على دفعته، بينما كانت شهيرة الأولى على البنات.
رغم قوة العلاقة بينهما، ظلت صداقتهما أقرب للأخوة منها إلى الحب التقليدي. وعندما بدأت شهيرة علاقتها بالفنان محمود ياسين، حرص أحمد زكي على التأكد من جدية العلاقة، وقال لمحمود ياسين بصراحة: “شهيرة دي أختي، ناوي تتجوزها ولا لأ؟” فرد محمود: “أيوه طبعًا.”
ظل أحمد زكي قريبًا من أسرة شهيرة بعد زواجها من محمود ياسين، وكان أولادها ينادونه “يا خالي”، وكان شاهدًا على زواج ابنتها رانيا محمود ياسين من الفنان محمد رياض.
كانت شهيرة دائمًا تحثه على أداء فريضة الحج، وبالفعل سافرا معًا وأديا المناسك. حتى في أمور ما بعد الحياة، اهتمت شهيرة بأمر مقبرته واشترتها قبل وفاته بست سنوات، رغم تردده وخوفه من مناقشة الأمر.
أحمد زكي والتمثيل حتى حدود المرض
كان أحمد زكي يغوص في أدواره لدرجة المرض النفسي والجسدي؛ فقد فقد بصره جزئيًا أثناء أداء شخصية طه حسين في مسلسل “الأيام”، وتعرض لمشاكل صحية في القولون بعد فيلم “زوجة رجل مهم”.
الحب الذي لم ينتهِ
أحب هالة فؤاد بعمق وطلب منها التفرغ للأسرة، ولكن عودتها إلى الفن اعتبرها تخليًا عنه. رغم انفصالهما، بقي يحبها حتى آخر يوم في حياته واعتبرها “امرأة حياته”.
في أيامه الأخيرة بالمستشفى، لم تتركه شهيرة وكان يزورها أيضًا الفنانون المقربون مثل رغدة. في آخر لقاء بينهما، قالت له شهيرة: “في بنات قمرات واقفين برة طوابير عشانك.. إيه حب الناس ده؟” فرد بهدوء وهو ينظر إلى السماء: “المهم حب الله.”
كانت هذه آخر كلماته لها قبل أن يرحل تاركًا وراءه إرثًا فنيًا لا يُنسى وحبًا خالدًا في قلوب الناس.