منذ سنوات انتشرت برامج المقالب في العالم العربي واتخذت أشكالًا مختلفة تتراوح بين المواقف الكوميدية البسيطة والمقالب الخطيرة التي تثير الرعب والغضب. لكن برنامج “ماتهزرش” قد تجاوز حدود المزاح إلى الاستفزاز الممنهج حيث يعتمد على استدراج الضحايا وأغلبهم من النساء إلى مواقف مهينة وصادمة أمام الكاميرات بحجة “الضحك” و”الإثارة الإعلامية”.
في أحد المواسم كانت الفكرة الأساسية للبرنامج تقوم على إقناع الزوجة بأن زوجها متزوج عليها مما يؤدي إلى ردود أفعال عنيفة من الصدمة والغضب إلى الشتائم وحتى الضرب على الهواء مباشرة. هذا العام انتقلت الفكرة إلى الطائرات حيث يتم تنفيذ مقالب مشابهة تهدف إلى إثارة الخوف والاستفزاز.
لكن السؤال الأهم هنا: ما المغزى الحقيقي من هذا البرنامج؟ وهل هو مجرد “تسلية بريئة” أم أنه يحمل في طياته أبعادًا أخطر تسيء إلى صورة المرأة المصرية والأسرة المصرية عمومًا؟
المرأة المصرية بين الكرامة والتشويه الإعلامي
لطالما كانت المرأة المصرية رمزًا للقوة والثقافة والاحترام سواء كانت أكاديمية أو ربة منزل. فهي التي وقفت إلى جانب الرجل في المحن وهي التي قادت التغيير في محطات تاريخية مهمة. لكن مثل هذه البرامج تحاول تشويه هذا النموذج الراقي عبر تقديم المرأة المصرية بصورة سلبية ومبتذلة تُظهرها كعنيفة وشتّامة وغير متحضرة وتفتقر إلى الحكمة وضبط النفس.
قد يرى البعض أن هذه البرامج مجرد “مزاح ثقيل” لكن الواقع أن هذه الصورة النمطية المتكررة لها أثر خطير على الوعي المجتمعي حيث ترسخ أفكارًا خاطئة عن المرأة المصرية أمام الأجيال الجديدة بل وتمتد إلى نظرة المجتمعات الأخرى لمصر والمصريين.
هل هناك أجندة خفية وراء هذه البرامج؟
عند تحليل محتوى هذه البرامج نجد أنها تستهدف الأسرة المصرية بشكل مباشر وتخلق حالة من الفوضى والعبثية داخل نسيج المجتمع. فهل هناك جهات معينة تسعى إلى ضرب القيم العائلية المصرية؟ هل هناك تمويل خفي وراء نشر هذه الصورة السلبية؟ هذه أسئلة مشروعة يجب أن تُطرح خاصة عندما نجد أن مثل هذه البرامج تتكرر بشكل سنوي وتحظى بدعم وإنتاج ضخم رغم الانتقادات الواسعة التي تواجهها.
المسؤولية الإعلامية وأهمية المحاسبة
على الجهات الإعلامية الرسمية في مصر أن تتخذ موقفًا حاسمًا من هذه النوعية من البرامج. فالإعلام ليس مجرد وسيلة ترفيه بل هو قوة ناعمة تشكل الوعي المجتمعي. لذا فإن السماح ببرامج تسيء إلى صورة المرأة المصرية بهذه الطريقة يجب أن يُقابل بإجراءات صارمة تشمل:
1. إيقاف البرنامج فورًا وإجراء تحقيق حول الجهات المنتجة والداعمة له.
2. إلزام وسائل الإعلام بمواثيق شرف مهنية تمنع عرض المحتويات المسيئة للمرأة أو التي تحط من كرامة الأسرة المصرية.
3. رفع مستوى الوعي الإعلامي لدى الجمهور حول خطورة هذه البرامج والتأكيد على أهمية عدم دعمها أو مشاهدتها.
4. محاسبة القائمين على مثل هذه الأعمال إذا ثبت وجود نوايا خفية لإهانة صورة المرأة المصرية وتشويهها عمدًا.
الخاتمة: مسؤولية الجميع في حماية صورة المرأة المصرية
المرأة المصرية ليست مجرد “مادة للسخرية”، بل هي رمز العراقة والأصالة وهي جزء لا يتجزأ من تاريخ مصر وحاضرها ومستقبلها. إن التهاون في مواجهة مثل هذه البرامج يجعلنا جميعًا مسؤولين عن ترسيخ هذه الصورة المشوهة لذا لا بد من موقف حازم من الإعلام ومن الجمهور نفسه عبر مقاطعة مثل هذه البرامج والمطالبة بوقفها.
المرأة المصرية تستحق إعلامًا يحترمها لا إعلامًا يستغلها لتحقيق مشاهدات زائفة
اساءة للمرأة والرجل والمجتمع والتاريخ فهذا تعدى