بين النَهشَ السياسي وهيمنة الاحزاب: ذي قار تغرق بالوعود الكاذبة

بين النَهشَ السياسي وهيمنة الاحزاب: ذي قار تغرق بالوعود الكاذبة

راجي سلطان الزهيري

محافظة مثل ذي قار التي تُمثل موطن تُراث سومر ومقتنيات الحضارة وواحدة من أهم المدن العراقية من حيث التاريخ والموارد البشرية والثقل السكاني، لاتزال منسيّة ولا احد يهتم لارثها المكنون، حيث يبلغ عدد سكانها ما يقارب ثلاثة ملايين وأربعمائة ألف نسمة ما يجعلها رابع محافظة في العراق من حيث عدد السكان. ورغم هذا الثقل تقف في طابور المحافظات المنسية والمهمشة يطغى عليها الإهمال وغياب المشاريع الحيوية التي توازي حجمها السكاني والتاريخي.

نواب بلا أثر

تمتلك ذي قار ١٨ نائباً في البرلمان العراقي من المفترض أن يكونوا صوت أهلها وممثلين حقيقيين لمطالبهم وحقوقهم. لكن الواقع يثبت للأسف عكس ذلك تمامًا. هؤلاء النواب في معظمهم لم يقدموا ما يُذكر للمحافظة منذ انتخابهم بل تحوّلوا إلى عبء سياسي واقتصادي ليس على البرلمان فقط بل على ذي قار نفسها. دخلوا الحياة السياسية بلا رصيد من الإنجازات أو الرؤية، وها هم اليوم يتحركون وسط ثروات طائلة يمتلك بعضهم أراض واستثمارات داخل العراق وخارجه بينما سكان ذي قار يكابدون أزمات البطالة وسوء الخدمات وانعدام المشاريع التنموية.

 

رهينة الاحزاب والاكاذيب

 

أما مجلس محافظة ذي قار فهو صورة أخرى من صور الفشل الإداري والسياسي حيث تحوّل إلى أداة بيد الأحزاب السياسية، يُحرّك كما تُحرّك البيادق على رقعة الشطرنج. لا خطط واضحة ولا رؤى مستقبلية بل صراعات وتوازنات حزبية تعرقل أي خطوة حقيقية نحو التقدم، اضافة لأكاذيب المشاريع والبطولات الوهمية حيث يخرج علينا بعض النواب عبر وسائل الإعلام مدّعين أنهم كانوا وراء “توقيع” أو “الموافقة” على مشاريع معينة، لكنّ الواقع يكشف زيف هذه الادعاءات. لا توجد مشاريع فعلية تم تحقيقها بجهودهم، بل غالبًا ما تكون المشاريع التي يتم الإعلان عنها مجرّد حبر على ورق أو مشاريع متعثرة لم ترَ النور.

 

املنا باستثنائيّة الغزيّ

 

مثلما نُشير لهذا الكم الهائل من الخراب والنسيان، نقف عند نقطة ضوء ساطعة وسط هذا المشهد القاتم،  واسم شق بمصداقيته الفعالة طريقاً مجافياً لكل العابثين وهو الدكتور حميد الغزي حيث استطاع أن يحقق ما عجزت عنه كتل كاملة. بجهود فردية تمكّن هذا الشخص من جلب مليارات الدنانير لمناطق الأقضية والنواحي وكان وراء مشاريع استراتيجية لا يمكن إنكار أثرها على مستقبل ذي قار وعلى رأسها مشروع مطار الناصرية الدولي، ومدينة أور السياحية التي تُعد من أهم المبادرات لإحياء الإرث التاريخي والحضاري للمنطقة. 

كلمة يأس اخيرة

لا تحتاج ذي قار إلى المزيد من الشعارات والخطب بل تحتاج إلى فعل حقيقي وقيادات تؤمن بالمصلحة العامة لا بالمكاسب الخاصة، المحافظة التي أنجبت كبار المفكرين والمثقفين واحتضنت أولى حضارات الأرض منكوبة وتستحق أن تكون نموذجًا في البناء والتقدم لا أن تبقى رهينة نواب لا يمثلون إلا أنفسهم.

اترك رد