ماجد السفاح… حين يتحول الحنين إلى قصيدة

راجي سلطان الزهيري

عندما تريد أن تكتب عن إنسان عظيم لا تكون الصعوبة في امتلاكك القلم أو القدرة بل في خشية أن لا توفيه الكلمات حقه خاصة حين يكون هذا الإنسان بحجم ماجد مفتن السفاح، الأديب والباحث والشاعر وعاشق الأهوار.

ولد ماجد عام 1960 في عشيرة آل سفاح إحدى عشائر آل مغشغش في ناحية العكيكة قضاء سوق الشيوخ جنوب العراق. ومنذ سنواته الأولى أبدى حسًا مرهفًا وسمعًا يقظًا يلتقط بأذنه الصغيرة أحاديث الجدات والأمهات كأنما كان يحفر ذاكرته مبكرًا ليستقبل تراثًا سيحمله على كتفيه لاحقًا.

عمل ماجد في الإعلام معدًّا ومقدّمًا للبرامج في تلفزيونات محلية واذاعات وفضائيات لكنه لم يتخلَّ يومًا عن هويته الشعرية ولم يبتعد عن ميدان التراث الشعبي خصوصًا “الأبوذية” التي أخلص لها وأعطاها من قلبه وعقله الكثير.

أصدر كتابه الأول رحلتي مع الأبوذية الذي ضم 1242 بيتًا من هذه الدانة الشعرية العراقية الأصيلة ثم أتبعه بكتابٍ توثيقي ودراسي ثانٍ بعنوان الأبوذية فاكهة الدواوين جمع فيه 1447 بيتًا وأضاف إليه دراسة وافية عن تاريخ الأبوذية وألوانها وأطوارها وروادها في محاولة نادرة وجريئة لحفظ هذا الإرث من الضياع.

أما القصيدة التي شدتني وشدت ملايين العراقيين والعرب فهي قصيدته الخالدة الريل التي أبدع في صياغتها بأسلوبٍ يأسر القلب ويهزّ الوجدان. قصيدة حملت الحنين والدمعة والغصة، وجعلت من صوت القطار رمزًا للفقد والانتظار والحب الذي لا يُقال. ماجد يقرأ الريل في كل لقاءٍ ومجلس وكأنها أصبحت جواز مروره إلى قلوب الناس ومرايا تعكس صدق تجربته وألمه وجمال تعبيره.

ماجد السفاح ليس مجرد شاعر أو إعلامي بل هو مؤرخ للوجدان الشعبي وذاكرة حية للجنوب العراقي. رجل أخلص للكلمة، للأرض، وللناس، فكان صوته امتدادًا لصدى الأهوار، وكتاباته جسورًا بين الماضي والحاضر.