مسلسل الموت يعود من جديد الى معسكرات التدريب

مسلسل الموت يعود من جديد الى معسكرات التدريب

 لمياء العامري

في الوقت الذي يجب ان يكون التدريب العسكري حجر الأساس في اعداد الضباط من طلبة الكليات العسكرية ، نصعق بين الحين والاخر بحادث كارثي يفيد ويؤكد بما لايقبل الشك ان بعض مراكزه تحولت الى ساحات للموت البطيء، لا ميادين لصقل الكفاءة والانضباط.

حوادث غير انسانية متكررة ومؤلمة شهدتها الكليات والمعاهد العسكرية في العراق سابقا والان ، حيث توفي عدد من الطلبة الشباب نتيجة قساوة التدريب وسوء الادارة وانعدام الرقابة.

نستغرب من تحول التدريب والتاهيل الى تعذيب و استنزاف

لان الكليات العسكرية بيئة تبني الشخصية وتنمي حس الانتماء والانضباط، وليست شكلاً من أشكال التعذيب النفسي والجسدي .

ان وفاة طلاب في مواقع مثل النعمانية والناصرية وبغداد – نتيجة التدريب العنيف و المفرط في ظل الظروف الصحية المتردية – يطرح تساؤلات كثيرة وخطيرة عن كفاءة النظام التدريبي في العراق وسلامة القائمين عليه ، وعن غياب المعايير الإنسانية في التعامل مع من هم في طور التعلم وليس الجاهزية الكاملة.

من قال ان التدريب يعني القسوة والاذلال .. من غير المنطق أن يرتبط مفهوم “التحمل” بالعقوبة الجسدية أو الاهمال الصحي، التدريب العسكري القوي لا يعني العنف المفرط غير المبررة ، بل يقوم على أساس علمي مدروس كما يحدث في جميع دول العالم المتقدم حيث يوازن بين بناء القدرات البدنية والانضباط النفسي، ويحفظ كرامة الإنسان التي تعد هي الاهم وقبل كل شيء.

يجب الكشف عن المتورطين في هذا الخرق الفادح وتحديد المسؤول بكل صراحة وشفافية بعيد عن المجاملة والتسويف والمحسوبية التي ازهقت وانهكت ودمرت كل جميل في بلدنا ، يجب الكشف عن الحقيقة امام الرأي العام عن كل ما حدث ويحدث في بعض الكليات العسكرية لانه من غير المعقول أن يعزى إلى أخطاء فردية أو ظروف استثنائية ولا نكتفي باقالة أو إعفاء المتسبب بل نطالب بمحاسبته في محاكمة عسكرية تنقل وقائعها أمام الرأي العام .

نقف اليوم أمام خلل مؤسسي كبير يتطلب وقفة جادة من قبل منظمات حقوق الانسان الدولية والمحلية ورئيس الحكومة والقيادات العسكرية والسياسية، كما نؤكد ضرورة اجراء مراجعة شاملة ودقيق لجميع مناهج التدريب، ووضع رقابة صارمة، ومعاقبة كل من يستهين بحياة شاب جاء بكامل رغبته حالما في الدفاع عن وطنه.

ان حماية الطلبة في جميع الكليات العسكرية ليست فقط مسؤولية القيادات العسكرية، بل هي مسؤولية وطنية ودينية تقع على عاتق الحكومة والبرلمان والمجتمع برمته.

ان من غير المعقول أن يفقد الشباب أرواحهم تحت شعار ” اختبار قدراتهم على التحمل والصبر” بينما يمكن توفير تدريب صارم وامن في الوقت ذاته.

ونختتم حديثنا “ان ما جرى من وفيات في الكليات العسكرية ليس مجرد اخبار عابرة، بل هو بمثابة جرس انذار يجب أن يدق بقوة ليسمع القاصي والداني عله يكون النهاية لمسلسل موت الشباب الملائكي في معسكرات الموت .

هؤلاء الشباب دخلوا إلى الكلية العسكرية ليخدموا وطنهم، لا ليدفنوا أحلامهم تحت تراب معسكرات مهملة يديرها اشخاص يفتقرون للكفاءة المهنية والانضباط الاخلاقي.. يستعرضون عضلاتهم ع ورود في مقتبل العمر لم يعوا من الحياة شيئا كونهم قضوا سنينهم في الدراسة والاجتهاد حتى وصلوا الى هذه المرحلة بعد حصولها على شهادة دراسية تمكنهم من المضي قدما لتحقيق حلمهم ووضع اقدامهم على أول السلم في طريق المستقبل .

يجب أن يكون الرد بحجم الكارثة لا مجال للمجاملات أو التسويف في ملف يكلف ارواح شباب اختاروا طريق الشرف. الاصلاح ليس خيارا… بل واجب، ان اردنا لمؤسستنا العسكرية أن تستعيد هيبتها، ولأرواح الضحايا أن تنال العدالة.

 نرفض اي تسويف أو مجاملة في هذا الملف الشائك ويجب اجراء اصلاح عملي شامل يعيد للمؤسسة العسكرية هيبتها وينتزع حقوق الأبرياء الذي فقدوا حياتهم الغالية ثمنا لمن لا يعرف معنى الحياة .

اترك رد