الغربة تأكل الفرح : العراقيون في المهجر وأعياد بلا طعم

الغربة تأكل الفرح : العراقيون في المهجر وأعياد بلا طعم

وكالة سومريون الاخبارية / راجي سلطان الزهيري :

لا يزال أكثر من خمسة ملايين عراقي يعيشون خارج وطنهم مشتتين بين المنافي القسرية والاختيارات الصعبة نتيجة حروب متتالية وانعدام الاستقرار السياسي والاقتصادي. كانت آمال الكثيرين معلّقة على مرحلة ما بعد عام 2003 غير أن الواقع جاء مغايراً وأثقل كاهل العراقيين بمزيد من الإحباط والاغتراب والتغريب.
الصحافيّة آمنة عبد النبي المقيمة في السويد منذ سنوات طويلة تختصر مأساة الأعياد في جملة واحدة: “الأعياد ماصخة ولا طعم لها.” وتوضح قائلة:
“تمر علينا الأعياد ونحن في البيت لا احد يطرق الباب، وليس لدينا أقرباء أو أهل هنا. التواصل الوحيد يكون عبر الهاتف أو مكالمات الفيديو. نحن نعيش كأجساد بدون أرواح الحنين يأكلنا بصمت في كل مناسبة.”
أما ساطع الحربية الذي يعيش في هولندا منذ ثلاثة عقود فيقول:
الحياة هنا ليست سهلة كما يظن البعض. أنا لا أستطيع العودة إلى العراق لأنه لا يوجد لدي عمل أو مصدر دخل هناك. أنا عشت هنا ثلاثين سنة لكني ما زلت لا أشعر بالانتماء الكامل. ننتظر المناسبات الدينية كفرصة نادرة للتجمع حتى السفر من مدينة إلى أخرى بين أبناء الجالية أصبح مكلفًا وهو ما يزيد من شعور العزلة.”
ويؤكد أن المناسبات التي كانت تشكّل مصدر فرح وسلوى في الوطن تحوّلت إلى تذكير دائم بالبعد والفقد.
وفي لندن تعيش نجاح البدري مع عائلتها وتحاول جاهدة الحفاظ على ما تبقى من الروابط الثقافية والدينية في بيتها فتقول:
نحاول تعليم أولادنا عن المناسبات الدينية والطقوس المرتبطة بها لكن الأجواء هنا مختلفة تمامًا. لا روائح الكعك، ولا زيارات الجيران ولا فرحة الشوارع. العيد في العراق له طعم وروح وهنا نحن نحاول فقط أن نُقنع أنفسنا بأنه يوم مميز.
رغم ما توفره دول المهجر من أمان وخدمات اجتماعية فإن البعد عن الوطن والانفصال الثقافي والحنين إلى جذور ممتدة في تراب بلاد الرافدين تترك جراحًا غير مرئية في قلوب المغتربين.
مواسم الفرح تحوّلت إلى مواسم للحزن الصامت.
فالعيد الذي كان مناسبة للقاء الأحبة أصبح مناسبة للتواصل البارد عبر الشاشات. والمائدة التي كانت تجتمع حولها العائلة أصبحت رمزية في كثير من البيوت تذكرهم بما فقدوه أكثر مما تُسعدهم بما يملكون.
لكن رغم كل هذا الألم يتمسك العراقيون في الشتات بخيوط الأمل يُحيون مناسباتهم بطريقتهم يعلّمون أبناءهم اللغة والحنين ويواصلون الانتظار… انتظار أن يكون للعيد القادم طعم الوطن.

اترك رد