تخيلوا اكثر من عشرين عاماً مرّت على التغيير في العراق وتعدد الحكومات المتعاقبة من الوزراء الذين تعاقبوا ومن الوعود الموهومة التي تتكرر كل صيف ومع كل موجة حرّ جديدة والكهرباء كما هي بل ربما أسوأ مما كانت عليه قبل الاحتلال الاميركيّ في ٢٠٠٣.
كل صيف نسمع نفس عبارة السنة القادمة ستكون الكهرباء أفضل لكن العام يمضي والحر يشتد والناس تحترق ولا كهرباء. والانكى من ذالك أن بعض المسؤولين يخرجون بتصريحات لا تُنسى مثل تصريح الشهرستاني سنة ٢٠١٢ حين قال للعراقيين بفخر:
“بعد سنة من الآن سيكتفي العراق كهربائيًا بل وسنصدر الفائض إلى دول الجوار.”!
هذا التصريح قبل ١٢ عاماً، وياترى اين الفائض اليوم الجنوب العراقي-أكثر مناطق العالم حرارة-لا يحصل على أكثر من ثماني ساعات كهرباء في اليوم. تخيّل أن تكون درجات الحرارة ٥٠ أو ٥٢ أو حتى ٥٤ درجة مئوية وأنت لا تملك كهرباء لتشغيل مروحة أو مبردة أو ثلاجة تحفظ طعام أطفالك، فيشوي الجميع بعلبةِ سردين من صنعٍ محلي مع العلم ان مليارات الدولارات صُرفت، ومليارات أخرى سُرقت، ومع ذلك في ٢٠٢٥ لا كهرباء في العراق.
المُضحك المُبكي، يُقال إن العالم أطفأ الكهرباء لدقيقة حداداً على وفاة مخترع الكهرباء. أما في العراق فنحن نعيش وكأننا في حداد دائم على وفاته منذ اختراعه وحتى اليوم. دول أفقر من العراق-بل دول لا تملك نفطًا أو غازًا أو موارد طبيعية-تجهّز الكهرباء لمواطنيها لأربع وعشرين ساعة في اليوم. بينما نحن نعيش على نظام ساعة تجهيز وساعتين إطفاء وكأن هذا قدر لا يتغيّر.
يحمّل بعض المسؤولين أمريكا المسؤولية ويقولون: “أمريكا لا تريد للعراق كهرباء.” لكن هذا الكلام هراء. الشعب يريد جواباً واحداً بسيطاً وواضحاً:
كم سنة يحتاج العراق ليجهز نفسه بالكهرباء ٢٤ ساعة في اليوم؟ أليس من حق الشعب أن يعرف، أليس من حقه أن يفهم لماذا منذ ٢٢ سنة والكهرباء وعودٌ فقط؟ لماذا لا يخرج وزير سابق أو حالي مسؤول كبير أو حتى مدير عام ليقول الحقيقة للعراقيين، ليقول لهم نحن نحتاج كذا وكذا من السنوات وكذا من الأموال وكذا من المشاريع.
لكن الحقيقة مؤلمة ولا أحد يريد أن يقولها. فهم يكتفون بالصمت بينما الشعب يحترق ويستنجد المراوح اليدوية!