قدم الفنان مهند هواز عرضاً راقصاً ضمن مهرجان أيام الثقافة العراقية. كان شاباً نحيفاً رشيقاً، يتحرك مع عضوات فرقته على المسرح بفرح وكأنه فراشة حالمة. مؤخراً، اختيرت فرقته (أنكيدو) من قبل وزارة الثقافة لتمثيل العراق ضمن برنامج اليوم الوطني في منظمة اليونسكو بباريس، بعد أن حصد هو وفرقته العشرات من الجوائز والتكريمات في العديد من المحافل الدولية، وهذا ما دعانا لإجراء حوار معه.
* بدءاً نود أن تعرفنا بشكل سريع على فرقتك..
– فرقة أنكيدو للرقص تستوحى لوحاتها من التراث العراقي، وقد أسستها في السويد، وحالياً لها فروع في دول أخرى. هي فرقة لها بصمة خاصة وفريدة، تختلف عن كل الفرق الأخرى، وعضوات الفرقة غير عراقيات، لكنهن أحببن العراق ودرسن وقمن بالتدريب على أساليب فنية وحركات بصرية مستوحاة من التراث العراقي، قمت برسمها وتشكيلها بتصرف مني لتعكس صور متحركة من فنون الرقص في مناطق وأطوار مختلفة لبلدي العراق.
* ما أهم مشاركاتكم؟
– شاركنا في عدد كبير من الفعاليات والمهرجانات الداخلية، التابعة إلى نقابة الفنانين فرع نينوى، من خلال وزارة الثقافة العراقية ونقيبها حينذاك الأستاذ غازي فيصل، وتعتبر (الليلة الموصلية) من إخراج الأستاذ راكان العلاف، من أهم مشاركاتي الفنية، وقد جرى عرضها على مسرح بابل الكبير، وكذلك مشاركتي في يوم بغداد، وبعدها في مهرجان الربيع في الموصل وبابل والبصرة، كما عملت مع الفرقة الكردية للفنون الشعبية في مدينة الموصل، وكان الأستاذ أحمد الجميلي هو مدرب الفرقة. كذلك عملت كمدرب للفرقة الكلدانية للفنون الشعبية في دهوك، وشاركت في العديد من المسرحيات مع الأستاذ طه ياسين، منها مسرحية (السيد وخادمه)، وجرت استضافتي من قبل الدكتور محمد إسماعيل، مدير قسم المسرح حينذاك، كما استضافتني كلية الفنون الجميلة في مدينة الموصل لتقديم بعض الدروس عن الرقص المسرحي الحديث.
* كيف واصلت طريقك في الغربة ومتى أسست الفرقة؟
– في عام 2006 أجبرتني الظروف على ترك بلدي الحبيب والهجرة إلى مصر، كذلك اضطررت من جديد لأن أهاجر إلى السويد، وهناك بدأت مرحلة جديدة في حياتي، فبعد دراسة اللغة السويدية بدأت الاطلاع ودراسة المنهج السويدي في مدرسة الرقص المسرحي الحديث وأتقنته بجدارة. لكن هجرتي لم تثبط عزيمتي، بل بدأت تتبلور لدي فكرة نشر تراثنا العراقي، ومحاولة مزجه مع الرقص المسرحي الحديث، فجاءت فكرة تأسيس فرقة فنية راقصة في المجتمع الأوربي من أجل نشر وحفظ تراثنا الراقي، فعملت -وبجهد- على تأسيس فرقة أنكيدو للرقص عام 2010 التي رسخت أسسها على نمط الفرقة القومية للفنون الشعبية، وبإشراف الفنانة هناء عبد الله، وقد قدمت الدعوة إلى أساتذتي لزيارة السويد وتدريب الفرقة معي. لقد شاركت الفرقة في أكثر من 25 مهرجاناً حول العالم.
* من اين تستلهم لوحاتك الراقصة؟ -العراق غني جدا بتنوع حضاراته، منها السومرية، والبابلية، والأكدية، والآشورية… الخ، وعندما نتكلم عن التراث الشعبي العراقي سنجد أنه زاخر بموروثه الشعبي، لما يمتلكه من قوميات وأديان مختلفة، كذلك يمتلك العراق التنوع الطبيعي كالصحاري والجبال والأهوار والأنهار، هذا يعطيني إلهاماً كبيراً في تصميم لوحات للرقص مستوحاة من التراث.
في أيلول عام 2023 كنت محظوظا عندما وجهت لي دعوة رسمية من قبل وزارة الثقافة العراقية لعمل مسح ميداني في جميع محافظات العراق، من زاخو إلى الفاو، علماً بأن هذا المسح الميداني جرى عمله قبل 50 عاماً من قبل الخبيرة الروسية (مدام قمر خانم) والفنانة هناء، واليوم قمت بهذه التجربة بنفسي، وكانت تجربة غنية جداً إذ استلهمت كثيراً من تراثنا الغني. أتقدم بجزيل الشكر إلى وزارة الثقافة العراقية.
* يا ترى ما سبب اهتمام الأجانب بهذا النوع الخاص من الرقص؟
* الأجانب يظهرون اهتماماً كبيراً بالرقص الشعبي العراقي وأنواع الرقص الفلكلوري لأسباب متعددة، منها الجمال الفني، إذ يُعتبر الرقص الشعبي العراقي جميلاً من الناحية الفنية بفضل تنوع حركاته وتعبيراته العاطفية، وهو وسيلة لاكتشاف وفهم التراث والثقافة العراقية.
* نراك تعتمد على راقصات أجنبيات أكثر من العراقيات.. ما السبب؟
– على مسرح اليونسكو كانت سعادتي كبيرة وشعوري بالفخر لا يوصف، فعضوات الفرقة مثلن الفن العراقي أمام جمهور أجنبي لم يسأل عن هوياتهن، بل إنهن على العكس حصلن على ثناء واحترام المشاهدين، وكان الإعجاب بالزي الفلكلوري العراقي كبيراً وبأداء اللوحات العراقية أعظم.
* من أين تلتقي الدعم المادي؟
– لا أتلقى أي دعم من أية جهة رسمية أو غير رسمية، كل ما تراه هو من جيبي الخاص، أعمل أكثر لأستطيع جمع الأموال اللازمة لأنجز تصميم وتجهيز الملابس، وألاقي الدعم من بعض الموسيقيين والفنانين الذين يدعموني، منهم الفنان سليم سالم وأديب محمد شاكر والفنان سعد اليابس.
*بعد هذه الإنجازات الرائعة.. ما مشاريعكم المقبلة؟
– المشاريع كثيرة، في هذه السنة سوف أقدم محاضرات في لوس أنجلوس، وكوريا الجنوبية، والصين، ومصر، واليونان، وسويسرا، وإيطاليا. وغيرها من المشاريع.
* ما طموحك الشخصي بعد هذه المسيرة الرائعة؟
– طموحي هو أن استمر بنشر تراثنا الجميل لكي أعطى صورة لائقة وجميلة لبلدي الحبيب العراق، وآمل في المستقبل تأسيس فرقة رقص داخل العراق تعمل وتستوحي أعمالها من تاريخنا القديم والتراث الشعبي، وأخطط لعمل فعاليات جديدة تليق بي وبعراقنا الحبيب.
Our website uses cookies to provide you the best experience. However, by continuing to use our website, you agree to our use of cookies. For more information, read our Cookie Policy.