كتب الكثيرون عن سيرة السيد عبد العزيز الحكيم الشخصية والجهادية، وأيام نضاله في المعارضة ضد نظام البعث، ودوره في إدارة العملية السياسية في العراق بعد عام 2003 حتى وفاته عام 2009، لكن الأكيد والثابت لدى الجميع، أن الوضع السياسي في العراق بعد السيد عبد العزيز الحكيم لم يكن كما هو في حياته، وما مر به العراق بسبب فقدان تلك البوصلة، وما لم يتحقق الى الآن هو بسبب الإبتعاد عن كثير من الأهداف التي رسمها لمستقبل العراق وكيفية إدارته.
نتيجة الى إرثره المرجعي والجهادي، فقد كان السيد الحكيم المظلة التي تجتمع تحتها القوى العراقية، وميزان العلاقة بين مختلف المكونات السياسية، يستند في ذلك الى علاقته الشخصية مع أبرز قادة المكونات الأخرى سواء الكردية منها أو السنية.. أما على المستوى الشيعي فكان السيد الحكيم هو الخيمة التي تجتمع فيها كافة القوى الشيعية ومركز قرارها، على الرغم من إختلاف رغباتها وطموحاتها على الصعيد السياسي ومستوى التمثيل الحكومي، فكان بحق مشروع الوحدة الذي يجمع العراقيين وحائط الصد تجاه كل فتنة.
مارس السيد عبد العزيز الحكيم دورا كبيرا من أجل إستعادة سيادة العراق وإدارته من قبل العراقيين، وبذل جهودا كبيرة من أجل إخراج العراق من طائلة البند السابع، وإقامة حكومة منتخبة تتولى إدارة شؤونه بعيدا عن الوصاية الدولية، وسعى الى تدريب وتهيئة القوات الأمنية وتمكينها من إدارة الملف الأمني، وعقد اتفاقية أمنية تمهد لخروج القوات المحتلة، ومن أجل ذلك تنقل في رحلات مكوكية بين الولايات المتحدة وبريطانيا والدول المؤثرة أكثر من مرة.
لقد كان السيد الحكيم من أولئك الرجال الافذاذ الذين تصدوا لمواجهة نظام الطاغية،هذا التصدي الذي كلفه الهجرة من العراق، جاعلا إياه يدور في بلدان العالم وأروقة الأمم المتحدة، ولا يترك أي فعالية تظهر مظلومية العراق وشعبه، وتفضح زيف إدعاءات النظام البائد إلا وكان قائدا لها ومشاركا فيها، لكن الدور الأبرز والمهمة الأكبر هو تصديه لمهمة بناء العملية السياسية في العراق ورسم كيان دولة العراق الجديد، فكان الخيمة الكبرى التي يجتمع تحتها الفرقاء السياسيين بكافة إنتمائاتهم الطائفية والسياسية.
شكلت وفاة السيد عبد العزيز الحكيم في 26 اب عام 2009 الموافق للخامس من رمضان، إنعطافة كبرى في تاريخ العراق والحركات السياسية العراقية، بعد إن غاب الحبل المتين الذي كان يمسك بمكونات الإئتلاف العراقي الموحد مع بقية المكونات السياسية العراقية من جهة، وبين مكونات الإئتلاف العراقي نفسه من جهة أخرى، فقد تشظت بعده كثير من الحركات والأحزاب الشيعية التي كان بينها مماحكات وإختلاف في وجهات النظر وتزاحم على مناطق النفوذ والسلطة، على الرغم من المحاولات التي تجري مرارا وتكرارا لرأب الصدع بينها.
لقد كان السيد الحكيم رجل الدين والمجاهد والزعيم الذي سخر السياسة في خدمة الوطن، والخيمة التي حوت الجميع، رجل الدولة الذي لا يفرق بين أبناء الوطن على أسس مذهبية أو عرقية حتى قيل عنه أنه أم الولد، فقد كان صوت العراقيين والمعبر عن تطلعاتهم وطموحاتهم، ورمزا للإيثار والتواضع ونكران الذات.
Our website uses cookies to provide you the best experience. However, by continuing to use our website, you agree to our use of cookies. For more information, read our Cookie Policy. السيد عبد العزيز الحكيم.. أم الولد