عاد كاظم الساهر ليتألق في سماء القاهرة في حفله الجديد بالعاصمة الإدارية، واستقبله الجمهور بعاصفة من الترحيب فور ظهوره على المسرح صارخا “وحشتنا يا كاظم”.
وأنهالت عليه من جديد باقات الورود و”الدباديب” وسط حضور الألاف من عشاقه ومحبيه، والذين كان ثمانون بالمائة منهم من النساء ، وعشرون بالمائة من الرجال، وقد جاءوا إلى الحفل فرادى وجماعات .
وبدأ كاظم حفله بأغنية “عيد العشاق” وكان في كامل لياقته وسعادته وإبداعه، وتفاعل مع الحضور بشكل غير مسبوق ، متبادلا معهم العبارات المرحة والرقيقة وغنى باقة من أجمل أغنياته القديمة ، وعددا من أغاني ألبومه الجديد”مع الحب”.
وكان الحفل جامعا للكثير من الجنسيات العربية ، وردد الكبار مع كاظم أغانيه بينما رقص الشباب على ايقاعات الدبكة العراقية، مما أشعل أجواء الحفل ، وألقت سيدة عراقية سبحة إلى كاظم على المسرح فرحا بأجواء الدبكة ، كما صعد البعض لالتقاط الصور التذكارية معه.
وغنى كاظم في الحفل من كلمات نزار قباني أغنية “بيانو” وهي أغنية رومانسية ذات طابع كلاسيكي تتسلل معانيها الى النفس، وتعزف أرق النغمات على أوتار القلوب، وتقول بعض كلماتها : “تعودت صوتك يضرب مثل البيانو خفيفا عميقا حزينا ، وصوت النساء معاشرة واعتياد” .
و الأغنية في الحقيقة تحفة موسيقية رائعة ولوحة فنية متكاملة ، لحنا وصوتا وتوزيعا ، وتضاهي في جمالها أغاني ” أنا وليلى و زيديني عشقا ومدرسة الحب ” وترقى لمستوى السيمفونيات العالمية.
وقدم الساهر “ديو” لأغنية ” الليل” من كلمات كريم العراقي، مع سهيلة بهجت ، وهي صوت مصري واعد من كفر الزيات ، وتتمتع بطاقة فنية كبيرة وموهبة خلاقة واحساس عميق ، ومنحها كاظم المساحة الكافية لإظهار حضورها وتألقها إيمانا منه بموهبتها ، منذ أن اكتشفها لأول مرة في “ذا فويس كيدز”.
ويقول مطلع الأغنية” الليل والشباك والمطر الشديد
وأنا هنا في عزلتي قلب وحيد” ، وتفاعل الجمهور مع الأغنية ، والتي تميزت بسهولة كلماتها ، ودفء مشاعرها ، وعمق معانيها ، وطابعها القصصي وعباراتها الحوارية ، والتي تشهد لمؤلفها بالتميز، فقد ترك الشاعر الكبير كريم العراقي بصمة مؤثرة في وجدان العراقيين والعرب جميعا .
وغنى الساهر أيضا أغنية “مررت بصدري” من ألحانه وكلمات الشاعرة اليمنية جومانة جمال، وتوزيع ميشال فاضل ، وجمعت الأغنية بين الحالة الدرامية والرومانسية وبساطة الكلمات وروعة اللحن، ونجح “القيصر” في خلق حالة موسيقية توازي الحالة الشعرية، وجاء الأداء الطربي متمكنا ومتدفقا ومعبرا ،ويقول مطلع الأغنية :
“مررتِ بصدري وحان البكاء
فتبّاً لدمعي وهذا اللقاء
تركتِ دموعي على راحتيَّ
وأشعلتِ في القلب حفل عزاء”.
وغنى “القيصر” بصحبة الفرقة العراقية بقيادة حسن فالح ، وقد ضمت الفرقة مجموعة من أمهر العازفين ، حيث بدوا في أحسن حالتهم ، وأظهر العزف تمكنهم وانسجامهم ، وتجاوبهم مع المطرب، وتفاعلهم أيضا مع ردود فعل الجمهور .
وظهر الحفل على درجة كبيرة من الفخامة والابهار وأعلى مستوى من الدقة ، على المستوى التقني ، سواء بالنسبة لهندسة الصوت والكاميرات أو شاشات العرض، وهو من تنظيم شركة “فينتور لايف ستايل” .
ولا يمكن أن ننسى “همام” مدير أعمال “القيصر” ، وفريق العمل المصاحب له ، و”رودي” ومخرج الحفل وليد مؤنس ، فقد كان الجميع شعلة نشاط ، وكان مؤنس الدينامو المحرك لتروس نجاح الحفل من وراء الكواليس.
وقابلت في الحفل الكثير من الأصدقاء والصديقات ، وكأني في عرس عربي بهيج ، ولكن تساءل البعض عن سبب غياب كاظم الساهر عن الحفلات في القاهرة ، فيما يشبه عتاب المحبين، ولم أكن استطيع الرد ، ووعدتهم بنقل مشاعرهم الطيبة إليه.
وكانت تجلس إلى جواري في الحفل ا. د. ايمان حسني رئيس قسم الغناء بالمعهد العالى للموسيقى العربية باكاديمية الفنون ، وسألتها عن التوصيف العلمي لصوت كاظم ، فقالت لي أنه صاحب مدرسة غنائية كاظمية ساهرية في القصيدة السيمفونية وصوته من طبقة “تينور” ، وهى أعلى وأحد طبقة صوتية لدى الرجال ، وهذا الصوت يواجه تحديات كبيرة في الغناء العربي ، وكاظم صوت واع، ومثقف ومدرب ولديه الدراية بالتكنيك الصوتي، لذلك يجعل الصوت دافئا ومريحا للأذن وهذا يجعله لا يلجأ للصوت المستعار مثل بعض المطربين الآخرين ، وهو يحافظ على طبقات صوته من خلال التدريب الصوتي على أسس علمية سليمة، والدليل على ذلك أنه غنى أغنية” أنا وليلى” في الحفل بنفس الأداء الذي غناها به من عشرين عاما.
لذلك أقول: عزيزي كاظم الساهر .. الشاعر الساحر المسافر إلى قلب المستمع العربي، نتمنى ان تكون أفئدتنا بالنسبة لك محطة وصول ، وأن تشرق شمسك علينا دائما ، وألا تغيب!
Our website uses cookies to provide you the best experience. However, by continuing to use our website, you agree to our use of cookies. For more information, read our Cookie Policy. أخيرا كاظم الساهر.. في القاهرة